![]() |
راتكو ملاديتش |
انتهت حقبة مؤلمة في أوروبا الحديثة وتحديدًا منطقة البلقان إلى منعطف مهم باعتقال راتكو ملاديتش الذي دخل التاريخ من أسوأ أبوابه، إذ يعتبر مسؤولاً عن إبادة أكثر من 8 آلاف مسلم من الرجال والصبيان في ما صار يعرف بمجزرة سريبرنتسا.
ويُعتبر راتكو ملاديتش أسوأ مجرم حرب في التاريخ الحديث إذ أمر بقتل أكثر من 8 آلاف مسلم من الرجال والصبيان في بلدة سريبرنتسا المسلمة بالبوسنة والهرسك خلال ثلاثة أيام ابتداء من 11 يوليو (تموز) 1995.
وتُصنّف هذه باعتبارها أسوأ الفظائع التي ارتكبت في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وظل هذا الرجل هاربًا من العدالة منذ انتهاء حرب البوسنة (1992 – 1995) وحتى إلقاء القبض عليه الخميس. وكانت الولايات المتحدة قد عرضت مبلغ 5 ملايين دولار لمن يرشد اليه أو يساعد في اعتقاله.
شغل ملاديتش منصب رئيس هيئة الأركان بجيش جمهورية سربسكا (جمهورية البوسنة الصربية) خلال الحرب. والعام 1996 اتهمته المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي - مع قادة صرب آخرين - خصوصًا رادوفان كرادجيتش المعتقل في لاهاي حاليًا – بارتكاب جرائم حرب والقتل الجماعي أثناء حصار العاصمة البوسنية سراييفو الذي قُتل فيه حوالى 10 آلاف شخص.
ولد ملاديتش في 12 مارس (اذار) 1943 في بوزينوفيتشي، البوسنة والهرسك، التي كانت وقتها جزءًا من دولة كرواتيا المستقلة إسميا اذ كانت تدور في فلك المانيا النازية وايطاليا الفاشية بعد غزوهما يوغوسلافيا وتفتيتها العام 1941. قُتل والده، نيدو، على يد «اوستاشو»، وهي منظمة كرواتية موالية لألمانيا النازية، ولا تعرف اسرته اين دفن حتى اليوم.
دوره في الحرب اليوغوسلافية
في يونيو / حزيران 1991 رقّي ملاديتش الى رتبة مساعد قائد فيلق بريشتينا في إقليم كوسوفو الذي تقطنه أغلبية ألبانية. ومع تطورات الموقف المتلاحقة في كرواتيا، نقل الى كنين وعين قائدًا للفيلق التاسع في الجيش الشعبي اليوغوسلافي لمحاربة الكروات. وفي 4 أكتوبر / تشرين الأول من ذلك العام رقي الى ميجر – جنرال والى جنرال لفتنانت – كولونيل في 24 ابريل / نيسان 1992.
وفي 2 مايو / ايار من ذلك العام – بعد شهر من إعلان البوسنة استقلالها – قطع ملاديتش ورجاله، بأوامر من بلغراد، الطرق على حركة المرور من المدينة وإليها إضافة الى إمدادات المياه والكهرباء. وهكذا بدأ حصار سراييفو الذي استمر أربع سنوات (أطول حصار لأي مدينة في التاريخ الحديث) مصحوبا بقصفها من الخارج ومعاناتها من القناصة الصرب في الداخل.
في 12 مايو / ايار 1992 صوت البرلمان الصربي في البوسنة لصالح إنشاء «جيش الجمهورية الصربية» وعين ملاديتش قائدًا عامًا لهيئته، وهو منصب احتفظ به حتى ديسمبر / كانون الأول 1996. وفي 24 يونيو / حزيران 1994 رقي الى جنرال - كولونيل وأصبح تحت إمرته 80 ألف مقاتل صربي في البوسنة.
العام 1994 شهد ايضا فتور علاقاته مع الرئيس البوسني الصربي رادوفان كرادجيتش الى حد الخصومة لأن هذا الأخير كان يرى ملاديتش مغرورًا متباهيًا شديد التدين. وكان ملاديتش، من جهته، يعتقد ان كرادجيتش فاسد يسعى من وراء الحرب الى المنفعة الشخصية والربح. وبلغت الخصومة حد العلن عندما قال ملاديتش انه سيقصف لندن ردا على نوايا «الناتو» قصف المواقع الصربية، فعلق كرادجيتش قائلاً ان الجنرال «غبي يصدر تصريحات حمقاء». وتعمقت الهوة بين الرجلين عندما بعث الرئيس اليوغوسلافي وقتها سلوبودان ميلوسيفيتش بمقترحات سلام في خطابين أحدهما للرئيس البوسني علي عزت بيغوفيتش والثاني لملاديتش – في إهانة واضحة لكرادجيتش. ولما رفض هذا الأخير قبول مقترحات الرئيس اليوغوسلافي، نصحه ملاديتش برفع يده نهائيًا عن الشؤون العسكرية والاكتفاء بالسياسية في بالي والبلدات الصربية. وكانت الرسالة واضحة: «لا تعترض طريقي»! بل ان ثمة شائعات قوية قالت ان بلغراد باركت انقلابًا عسكريًا بقيادة ملاديتش على كرادجيتش.
المجزرة
في يوليو/ تموز 1995 دخلت قوات صربية يقودها ملاديتش منطقتي سريبرنتسا وجيبا اللتين أعلنتهما الأمم المتحدة ضمن «المناطق الآمنة»، فطردت 40 ألف مسلم معظمهم من النساء والأطفال والمسنين وأعدمت 8100 من رجالهم وصبيانهم.
وفي 4 أغسطس / اب 1995، عندما كانت القوات الكرواتية تتهيأ لهجوم كاسح على المواقع الصربية، أعلن كرادجيتش إعفاءه ملاديتش من جميع مهامه العسكرية وتوليه إياها هو شخصيا، ملقيا عليه باللائمة في خسارة بلدتين صربيتين في غرب البوسنة للكروات.
لكن ملاديتش رفض الانصياع قائلا انه يتمتع بتأييد العسكر والشعب. ورد كرادجيتش بأن قائده العسكري «مجنون».لكن شعبية ملاديتش أجبرته على التراجع عن قراره في 11 من الشهر نفسه. على ان إعفاء ملاديتش جاء لاحقا في 8 نوفمبر 1996 بقرار من رئيسة صرب البوسنة بيليانا بلافسيتش، وظل يتلقى معاشًا شهريًا من حكومتها حتى نوفمبر / تشرين الثاني 2005.
الاتهام
في 24 يوليو/ تموز 1995 وجهت لجنة المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة لملاديتش تهم القتل الجماعي وجرائم ضد الإنسانية وحملة القنص ضد سكان سراييفو وجرائم أخرى. وفي 16 نوفمبر/ تشرين الاول من العام نفسه توسع نطاق الاتهامات ليشمل جرائم حرب تمثلت في مجزرة سريبرنتسا واحتجاز رهائن من طواقم الأمم المتحدة في البوسنة.
لكنه ظل هاربًا من العدالة منذ ذلك الوقت. وصباح الخميس قالت وسائل الإعلام الصربية إن السلطات اعتقلت شخصًا يشتبه في أنه ملاديتش وإنها تجري فحوصًا للتأكد من هويته. وحوالى منتصف الظهيرة بتوقيت غرينتش أكد الرئيس الصربي بوريس تاديتش اعتقاله في ماوصفها بأنها «إحدى أكبر العمليات الأمنية في البلاد». وأشار أيضًا الى أن عناصر أميركية وبريطانية شاركت في العملية من دون الخوض في تفاصيل.
أسرته
ملاديتش متزوج من بوزا التي أنجبت له ابنه داركو وابنته آنا، وله حفيد من ابنه ولد في مارس/ آذار 2006. وفي مارس/ آذار 1994 إنتحرت ابنته التي كانت تدرس الطب في جامعة بلغراد بإطلاق النار على رأسها من مسدس أبيها المفضل. وكان سبب ذلك، تبعًا للتكهنات، هو «الطريقة الفظة» التي تعاملت بها وسائل الإعلام الصربية مع سيرة أبيها.
وفي 16 يونيو/ حزيران 2010 قدمت أسرة ملاديتش التماسا قضائيا بإعلانه متوفى رسميًا، بسبب تدهور صحته ولغيابه لأكثر من سبع سنوات عن منزل الأسرة. ولو أن القضاء تقبل هذا الالتماس لصار بوسع زوجته تلقي معاش شهري من الدولة وأيضًا بيع أملاكه، لكنه رفض الانصياع له.
ايلاف
تحسسنس كأنو اليهود ما عملو اكثر من هيك
ردحذف